بسم الله الرحمان الرحيم
حديثي إليك أختي المسلمة حديث عفة وطهارة ،كرامة وصيانة ، فوز ورفعة ، لقد جرب الأعداء لأغوائك كل السُبل وسلكوا لذلك كل الطرق وجمعوا له الحيل والخدع وزينوها بطرق شتى ، ووسائل متفرقة ، وقوى متعددة ، ويمكرون بك فإن كنت بتعاليم دينك متمسكة ، وبثياب العفة متسلحة ، وعلى أنوثتك محافظة ، ولجمالك صائنة ، وللأمانة حاملة ، ولرسالة ربك داعية ، فمكرهم إلى زوال ، وسعيهم إلى سراب، وعملهم إلى بوار.
أختي المسلمة لا مساومة على العفة والطهارة وإن سموها حرية أو حقوقاً ولا مداهنة في الأعراض والغواية وإن سموها تحضراً ورقياً .
أختي المسلمة سيري على دربك مؤمنة بربك ثابتة على فطرتك .
أختي المسلمة اعملي ما شئت فلن يغني عنك أحد من الله شيئاً ( لا أبوك ولا أمك ولا ابنك ولا أخوك ولا زوجك ولا مجتمعك ... لن يغنوا عنك من الله شيئاً)
أختي المسلمة أمامك امرأتان وطريقان فأي المرأتين تكونين وأي الطريقين تسلكين
قال ربك سبحانه "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ " [ التحريم : 10ـ 11 ]
قال العلامة عبد الرحمن السعدي ـ رحمه الله ـ : هذان المثلان اللذان ضربهما الله للمؤمنين والكافرين، ليبين لهم أن اتصال الكافر بالمؤمن وقربه منه لا يفيده شيئًا، وأن اتصال المؤمن بالكافر لا يضره شيئًا مع قيامه بالواجب عليه.
فكأن في ذلك إشارة وتحذيرًا لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، عن المعصية، وأن اتصالهن به صلى الله عليه وسلم، لا ينفعهن شيئًا مع الإساءة، فقال:
{ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا } أي: المرأتان { تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ } وهما نوح، ولوط عليهما السلام.
{ فَخَانَتَاهُمَا } في الدين، بأن كانتا على غير دين زوجيهما، وهذا هو المراد بالخيانة لا خيانة النسب والفراش، فإنه ما بغت امرأة نبي قط، وما كان الله ليجعل امرأة أحد من أنبيائه بغيًا، { فَلَمْ يُغْنِيَا } أي: نوح ولوط { عَنْهُمَا } أي: عن امرأتيهما { مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ } لهما { ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ } .
{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ } وهي آسية بنت مزاحم رضي الله عنها { إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } فوصفها الله بالإيمان والتضرع لربها، وسؤالها لربها أجل المطالب، وهو دخول الجنة، ومجاورة الرب الكريم، وسؤالها أن ينجيها الله من فتنة فرعون وأعماله الخبيثة، ومن فتنة كل ظالم، فاستجاب الله لها، فعاشت في إيمان كامل، وثبات تام، ونجاة من الفتن، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء، إلا مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم، وخديجة بنت خويلد، وفضل عائشة على النساء، كفضل الثريد على سائر الطعام " رواه البخاري ومسلم.
وقوله { وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } أي: صانته وحفظته عن الفاحشة، لكمال ديانتها، وعفتها، ونزاهتها.
{ فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا } بأن نفخ جبريل [عليه السلام] في جيب درعها فوصلت نفخته إلى مريم، فجاء منها عيسى ابن مريم ـ عليه السلام ـ، الرسول الكريم والسيد العظيم.
{ وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ } وهذا وصف لها بالعلم والمعرفة، فإن التصديق بكلمات الله، يشمل كلماته الدينية والقدرية، والتصديق بكتبه، يقتضي معرفة ما به يحصل التصديق، ولا يكون ذلك إلا بالعلم والعمل، ولهذا قال: { وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } أي: المطيعين لله، المداومين على طاعته بخشية وخشوع، وهذا وصف لها بكمال العمل، فإنها رضي الله عنها صديقة، والصديقية: هي كمال العلم والعمل.
أختي المسلمة هناك أمثلة حية في واقعنا المعاصر تمردت فنقلت روايات الفحش والرزيلة والبذاءة من الغرب ( وإن ادعت أنها من واقعنا المحافظ ) ، وأقامت المؤتمرات ، وسنت القوانين لتخالف الثوابت الشرعية وتميع الفروق الفطرية وتحارب الفضيلة وتنشر الرزيلة .
وهناك أمثلة حية في واقعنا المعاصر صنعت روايات العفة والطهارة وأقامت الثوابت الشرعية وحافظت على الفروق الفطرية ونشرت الفضيلة وحاربت الرزيلة.
هناك من أرادت أن تكون رجلاً فتمردت على محارمها من أب أو أخ أو زوج ..... وبحثت عن غيرهم،وهناك من غضت الطرف عن غير محارمها .
هناك من تركت تربية أبنائها وتخلت عنهم وخرجت تبحث عن أبناء آخرين تربيهم ونسيت أن فاقد الشئ لا يعطيه،وهناك من ربت أبنائها وصنعتهم على عينها لتقيم بهم المستقبل لهذا الدين.
هناك من تركت فراغاً في بيتها لتصنعه في بيوت وشركات الآخرين،وهناك من ملئت البيت بفيض حنانها ودقة تدبيرها لتكون سيدته الأولى ، وملكته التي لا عوض عنها.
هناك من بخلت على بيتها وأهلها بالعطايا والوداد وبحثت خارجه عمن تعطيه دون مقابل وتزوده بغير ثمن ، وهناك معطاءة لأهلها وبيتها ودودة إليهم .
هناك من تفانت في إفساد بيتها وتنصلت من أهلها تحت تزيين الشيطان وإغوائه ، وهناك من تفانت في إصلاح بيتها وصلاح أهلها ووقفت وثبتت ضد إغواء الشيطان وتزيينه هناك ....... وهناك ....
فمع من تكونين أختي المسلمة ومع أي المرأتين أنت قلباً وقالباً عملاً ودعوة .
أختي المسلمة أحاطك الله بسياج من الكرامة والعفة والطهارة والوقاية فحافظي عليها واصبري وصابري ورابطي مع أهل الفضيلة حتى تلقي ربك طاهرة نقية عفيفة تقية.
أسأل الله أن يوفقك لما يحب ويرضى ويرزقك البر والتقوى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .