هناك في حياة كلّ منّا آيات معجزة, صارخة, دالّة على عظمة الله عز وجل,
منها جسمنا الذي هو أقرب شيء إلينا,ففي رأس كل منا ثلاث مائة شعرة, لكل
شعرة
بصلة, ووريد, وشريان, وعضلة, وعصب وغدة دهنية, وغدّة صبغيّة.
وفي شبكت العين عشر طبقات, فيها مئة وأربعون مليون مستقبل للضوء, و بين
مخروط وعصيّة, ويخرج من العين إلى الدماغ عصب بصري, يحوي خمس مائة ألف ليف
عصبيّ.
وفي الأذن ما يشبه شبكة العين, فيها ثلاثون ألف خلية سمعية لنقل أدقّ
الأصوات,وفي الدماغ جهاز يقيس التفاضل الزمنيّ لوصول الصوت إلى كل من
الأذنين, وهذا
التفاضل يقلّ عن جزء من ألف وست مائة جزء من الثانية, وهو يكشف للانسان جهة الصوت.
وعلى سطح اللسان تسعة آلاف نتوء ذوقيّ لمعرفة الطعم الحلو, والحامض والمرّ والمالح, ثم تنقل هذا الطعم الى الدماغ.
وإنّ كل حرف ينطقه اللسان يسهم في تكوينه سبع عشرة عضلة.
من يصدّق أنّ في مخاطية الفم, أعني الغشاء الداخلي للفم خمس مائة الف
خلية؟ يموت في كل خمس دقائق نصف مليون خلية في الجدار الداخلي, ليحلّ
محلّها
نصف مليون خلية جديدة.
إنّ كريات الدم الحمراء لو صفّ بعضها إلى جانب بعض لزاد طولها على محيط
الأرض ستة أضعاف, وإنّ في كل ميليمتر مكعب من الدم خمسة ملايين كرية حمراء,
وإنّ
كل كرية حمراء تجول في الدم اليوم الواحد ألفا وخمس مائة جولة, تقطع فيها ألفا ومئة وخمسين كيلو مترا.
يضخّ القلب من الدم في عمر متوسط ما يملأ أكبر ناطحات سحاب في العالم,
وينبض في الدقيقة الواحدة من ستين إلى ثمانين خفقة, وينبض يوميا مئة ألف
مرة, يضخّ من خلالها ثمانية آلاف لتر, والمئتا لتر تعادل برميلا! وقد أجرى
بعض العلماء حسابا عن ضخّ القلب للدم في العمر فوجده ستة وخمسين مليون
جالون,
والجالون يعادل خمسة لترات.
يستهلك الانسان في الثانية الواحدة مئة وعشرين مليون خلية.
في دماغ الانسان أربعة عشر مليار خلية قشرية, ومئة أربعون مليار خلية
استنادية لم تعرف وظيفتها بعد, وهو أعقد ما فيه, ومع ذلك فهو عاجز عن فهم
ذاته.
وفي الرئتين سبع مئة مليون سنخ رئويّ, كعنقود العنب, وهذه الأسناخ لو
نشرت لاحتلت مساحة مئتي متر مربّع, وإن هاتين الرئتين تخفقان في اليوم خمسة
وعشرين ألف مرة, وتستنشقان مئة وثمانين مترا مكعّبا.
وفي الكبد ثلاث مائة مليار خلية, يمكن أن تجدّد كليا خلال أربعة أشهر,
ووظائف الكبد كثيرة, وخطيرة, ومدهشة, حيث لا يستطيع الانسان أن يعيش بلا
كبد أكثر من ساعات.
إنّ في جدار المعدة مليار خلية تفرز من حمض كلور الماء ما يزيد على عدّة
لترات في اليوم الواحد, وقد جهد العلماء في حلّ هذا اللغز, لم لا تهضم
المعدة نفسها؟
أليست المعدة معجزة؟
وفي الأمعاء ثلاث آلاف وست مائة زغابة معوية للامتصاص في كل سنتمتر مربع, وهذه الزغابات تجدّد كليا كل ثمان وأربعين ساعة.
وفي الكليتين مليونا وحدة تصفية, طولها مجتمعة مئة كيلو متر, يمرّ فيها الدّم في اليوم الواحد خمس مرات.
وتحت سطح الجلد خمسة عشر مليون مكيّف لحرارة البدن, وهي الغدد العرقية, لكل غدّة عرقية مكيّف لتكييف حرارته, وتعديل رطوبته.
إن جسمنا الذي نعيش معه أقرب الشيء إلينا, هذه حقائق مسلّم بها, عرفها الأطباء من عشرات السنين, وليس خاضعة للمناقشة اطلاقا,
قال تعالى: ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون) الذاريات: 21.