السؤال :
أود أن أعرف هل هناك ضير في أن أفضل امرأة على أخرى فيما يتعلق بأمر الزواج ، فأنا أمريكي من أصول إفريقية ، وأجد أني أرغب في الزواج بأخت من الشرق الأوسط ، وهذا لا يعني أني لا أريد الزواج بأية أخت أخرى ( فزوجتي الأولى كانت سوداء )، لكني لسبب ما مؤخرا أرغب في الزواج بأخت شرق أوسطية ، والجزء الآخر من السؤال هو أني بما أني أمريكي أفريقي فإني أجد من الصعوبة بمكان أن أتزوج بباكستانية أو أخت شرق أوسطية ، وأنا أعد نفسي مسلما مهذبا ومحترما (والله أعلم)، لكني مع ذلك أجد صعوبة في ذلك ، فأود أن تمدوا لي يد العون في هذا الخصوص . وشكرا .
الجواب :
الحمد لله
لا حرج في اختيار الشاب الزواج من فتاة ذات أصول معينة دون أصول أخرى وذلك للأسباب الآتية :
أولا :
لم نجد في الشريعة ما يدل على الترغيب عن هذا الأمر أو ذمه والتنفير منه ، وإنما المذموم هو المفاضلة بين الناس فكرا ومعاملة وتعصبا تبعا لتفاوت أصولهم ، فميزان المفاضلة الحقيقي هو الإيمان والتقوى ، كما قال الله عز وجل : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات/13.
يقول العلامة السعدي رحمه الله :
" الكرم بالتقوى ، فأكرمهم عند الله أتقاهم ، وهو أكثرهم طاعة وانكفافًا عن المعاصي ، لا أكثرهم قرابة وقومًا ، ولا أشرفهم نسبًا ، ولكن الله تعالى عليم خبير ، يعلم من يقوم منهم بتقوى الله ، ظاهرًا وباطنًا ، ممن يقوم بذلك ظاهرًا لا باطنًا ، فيجازي كلا بما يستحق " انتهى من " تيسير الكريم الرحمن " (ص/802)
واختيار الشاب الزواج من فتاة ذات أصل معين لا يستلزم أنه يعتقد أن هذا الجنس أفضل من غيره ، وإنما يرى أن ذلك سيكون أكثر ملاءمة لنفسه وطباعه وعاداته ، وفرق بين الأمرين ، فالأول مذموم لما فيه من تعصب مقيت للجنس أو العرق أو اللون ، والله عز وجل حرم علينا التعصب لهذه الأمور ، وبناء الولاء والبراء عليها ، كما قال عليه الصلاة والسلام : ( دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ ) رواه البخاري (4905) ومسلم (2584)
ثانيا :
الزواج من الجنس أو الأصل المرغوب لدى كل من الشاب والفتاة من أسباب نجاح الزواج وسعادة الزوجين ؛ لأن توافر الرغبة بالاقتران بفتاة معينة يعين على بذلك الجهد لتفهمها والتعايش معها وقبول صفاتها وعاداتها ، فإن عدمت الرغبة ضعفت هذه القدرة ، وعدمت التضحية ، وأصبح الزواج هشا معرضا لكل قاطع أو سبب مفسد ، ولكن ذلك مشروط بتوافق الطرفين وتجانسهما نفسيا وقلبيا ، وقبول كل منهما بالاقتران من الآخر رغم اختلاف أصليهما .
يقول الإمام الماوردي رحمه الله :
" المواصلة نتيجة التجانس ، والسبب فيه وجود الاتفاق ؛ لأن عدم الاتفاق منفِّر " انتهى من " أدب الدنيا والدين " (ص/163)
ثالثا :
في تاريخنا الإسلامي الخالد نماذج من الرجال العظام أصحاب البشرة السوداء ، أولهم لقمان الحكيم ، فقد ورد عن مجاهد رحمه الله أنه قال : " كان لقمان عبدا أسود ، عظيم الشفتين ، مشقَّق القدمين " رواه الطبري في " جامع البيان " (20/135)، ومن أشهرهم الصحابي الجليل بلال بن أبي رباح ، والتابعي الجليل عطاء بن أبي رباح ، وغيرهم ، لم تكن أصولهم أو بشرتهم سببا لحرمانهم أو تمييزهم ، بل كانوا نماذج عظيمة في التاريخ ، وتبوؤوا المقامات العليا بين الناس ، ولم يكن ذلك سببا في النفور منهم أو التباعد عن الاقتران بهم .
عن عبد الرحمن بن حرملة قال : جاء أسود إلى سعيد بن المسيب يسأل ، فقال له سعيد : لا تحزن من أجل أنك أسود ، فإنه كان من خير الناس ثلاثة من السودان : بِلال ، ومهجِّع مولى عمر بن الخطاب ، ولقمان الحكيم كان أسود نوبيا ذا مشافر . رواه الطبري في " جامع البيان " (20/135)
رابعا :
وقد سبق في موقعنا بيان جواز تطلب الصفات الدنيوية في المخطوبة إلى جانب الخلق والدين ، وذلك في الجواب رقم : (125907)، وانظر: (131257)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب