اللجنة: «الشاعر يعطينا مدخلا جديدا للواقع من خلال صوره المكثفة الشفافة»
مرة أخرى، يخذل الحظ أدونيس، الذي سعى إلى هذه الجائزة أكثر من مرة،
ويظل نجيب محفوظ العربيَّ الوحيد الذي فاز بها. هذه المرة، اختارت البقاء
في موطنها،
فقد حصل الشاعر السويدي توماس ترانسترومر على جائزة نوبل للآداب لهذا العام، حسب ما أعلنت الأكاديمية السويدية، أمس الخميس.
وقالت اللجنة إن الشاعر (08 عاما) فاز بالجائزة، لأنه «يعطينا مدخلا جديدا
للواقع من خلال صوره المكثفة الشفافة»، عبر صوره المكثفة والشفافة يُعطينا
فرصة الانتقال إلى الحقيقة».
وتبلغ قيمة الجائزة عشرة ملايين كرونة سويدية (54.1 مليون دولار) وهي
الرابعة التي تعلن حتى الآن بعد الإعلان عن جائزة الطب يوم الاثنين،
والفيزياء يوم الثلاثاء، والكيمياء يوم الأربعاء.
ويذكر أن جريدة «إكسبريس»، الفرنسية، كانت قد نشرت قائمة ترشيحات تضمّنت
الياباني هاروكي موراكامي والمجري بيتر ناداس والصومالي نور الدين فرح.
وأعلنت الجريدة أنه إذا تم ربط الآداب بالسياسة فسيتقدم القائمةَ الشاعر
السوري أدونيس،. لكنّ كفّة الأدب «مالت»...
والجدير بالذكر أن جائزة نوبل للآداب لعام 0102 كان قد فاز بها الأديب البيروفي ماريو بارغاس يوسا.
والشاعر توماس ترانسترومر (من مواليد 1391)عالم نفس أصيب بجلطة دماغية سنة
0991 أثرت على قدرته على النطق . وقد ترجم الأمريكي روبرت بلي أغلب أعماله
.. لم يساهم في أي نوع مما يسمى الأدب السياسي. كان لديه طموح أن يكتب
الشعر حول مهنته ومعايشاته اليومية. في القصيدة الطويلة المسماة «صالة
العرض»، من ديوانه «حاجز الحقيقة» (8791) نلتقي بأناس مُثقَلين بالمعاناة،
كان الشاعر قد صادفهم في عمله «كنفساني4».
حصل ترانسترومر، سريعاً، على مكانة مرموقة في الشعر السويدي من خلال
مجموعته الاولى «سبعة عشر قصيدة» (4591) ومجموعته الثانية «أسرار في
الطريق» (8591). وتميزت كتاباته الشعرية برشقات من صور لامعة، حيث
الاستعارات بإيحاء دائم تقبض على الحركات المفاجئة والتغيرات السريعة. «صور
النجوم يسمع وقع أقدامها... إلى الأعلى، هناك فوق الأشجار... قوة كبيرة
وغير مفهومة تمر خلال الكون»...
بعد مجموعتين صغيرتين، استطاع الشاعر أن يتبوأ مكانة رائدة في أوساط
الشعراء الشباب. ظهرت المجموعة الثالثة «سماء مفتوحة على النصف» (2691)،
ووصفها احد الصحافيين بأنها «معجزة»، مدافعا عن مكانته الشعرية. ورغم هذا،
وجد الشاعر، في إحدى الفترات، أن النقاشات والمعاني حول شعره انقسمت في
السويد، بينما تنامت شهرته خارج الحدود، حتى صار شاعرا عالميا مُهمّاً.
وأشار الكاتب بينكت هولم كفيست إلى ذلك عام 3791 حين قال: «في الرمزية
العالمية الآن، يُعد الشاعر توماس ترانسترومر من الشعراء المُهمّين، ترجم
إلى أكثر من 03 لغة.
كتب عنه روبرت بلي، في سنة 0791 في أنطولوجيا «عشرين قصيدة»: «يبدو لي أن
الشاعر توماس ترانسترومر أفضل شاعر ظهر في السويد في السنوات القليلة
الماضية». على ظهر الكتاب، كُتب بتأكيد قوي إن «الشاعر توماس ترانسترومر
ليس فقط واحدا من شعراء القرن في السويد -بعد كونار إيكليوف وهاري
مارتنسون- بل أيضا واحدا من أهمّ الشعراء في جيله في كل أوربا».
يؤسس الفضاء الشعري عند توماس ترانسترومر اتساعا كبيرا من العلامات الملغزة
(رنين وآثار) يبدو قريبا تماما من كشف مغزاه. ويرى الكاتب روبين فولتون،
بتعبير صريح، أن «المحاولة في التعبير على ما يظهر في عدم وضوح الفهم يوشك
أن يحدث في الإلهام»، في إشارة إلى أن التعبير يحصل على اتساع واهتمام
الكل، لأن المعنى التاريخي والسياسي ممتد و تتسع شخصية المتكلم بوضوح. هذا
الاهتمام المتوتر أمام «اللغز»، هذه المشاهدة في ذلك المجهول، لا تسمى
«غموضا».
اعترض الكاتب على اتهام البعض له بأنه شاعر «غامض»، وأحيانا، شاعر متديّن،
أيضا.. وقال الكاتب كونار هاردنك في حوار صحافي مع الشاعر في 3791 عن توماس
ترانسترومر:
«نعم ، كلمات مفترية، غامض... إلخ. وأنا، بالطبع، متحفظ في استخدام مثل هذه
الكلمات، لكني أستطيع القول، على الأقل، إن هذا النوع من الغموض من خلال
معايشاتي الواقعية في أعمق أعماقي يجعلني انظر إلى الوجود كلغز كبير، وهذا
فيه أحيانا، شحنة ضخمة من هذا اللغز، لذلك لها طابع ديني، وهذه العلاقة
غالبا ما تظهر في كتاباتي، لذلك فإن هذه القصائد فيها شيء يشير كل الوقت
إلى شيء أكبر، فلعقل يوم عادي من أيامنا صلة غير منطقية بتلك الأشياء
المادية».