الاْنوار
تملاْ البحر، واْصوات المحركات تتصاعد الى الجو، وهدير الطائرات يتهادى
الى الاسماع، خرجت اْم اْيمن تستطلع الاْمر، يبدو اْنه عدوان مركز على
جنوب لبنان. القذائف تنهمر من السماء كالوابل من المطر، وترتطم فى ساحات
المخيم باعثة الدمار مثيرة الدخان والغبار الذى لف المخيم من كل جهاته...
فلا ترى سوى بصيص من اْنوار تبحث لها عن طريق فى الغبار الذى شكل سدا
كبيرا منيعا اْمام العيون... الاْرض تشتعل والجو يمتلىء بالدخان ورائحة
البارود تزكم الاْنوف.. شقت اْم اْيمن طريقها الى الغرفة وتناولت صغيرها
من الفراش، واتجهت صوب الشمال، كانت الطريق مزروعة بالنازحين. تعبت اْم
اْيمن وافترشت الارض بينما كانت تبزغ تباشير صباح يحمل وجها مكفهرا حجب
نور الشمس، كادت تفقد وعيها، لقد تركت صغيرها فى المخيم تحت القصف
الاسرائيلى. عادت الى الجنوب، كان المخيم اْكواما من التراب والقصدير، كل
شىء هادىء، السكون خيم.. فتشت عن الغرفة التى كانت تسكنها، انها كومة مثل
باقى غرف المخيم، نبشت الكومة وجدت اْصابع يد طفل صغير وذراعا وساقا، فتشت
كل مكان، ومن مكان غير بعيد رقد راْس دون جسد نظرت الى وجهه، شعره،
ابتسامته التى لم تجف بعد وقالت: غريب اْمرك ياحبيبى حتى فى موتك تبتسم..
وضعت اْم اْيمن الاْطراف والراْس على المخدة، غنت له لينام: نام يا اْيمن نام
لاْ جيبلك طير الحمام
نظرت اليه ونادته: هل نمت يا صغيرى؟ تقدم شاب اْسمر وحمل المخدة وعند
الوداع قال: سنكمل الطريق يا اْم اْيمن، ستعودين لتجدى اْيمن قد نبت زهرة
فى الاْرض، هناك فى فلسطين