- "فيستحيي منكم":
عن أنس بن مالك t قال: مر بنا في مسجد بني رفاعة فسمعته يقول: كان النبي إذا مر بجنبات أم سليم دخل عليها فسلم عليها، ثم قال: كان النبي عروسًا بزينب، فقالت لي أم سليم: لو أهدينا لرسول الله هدية. فقلت لها: افعلي.
فعمدت إلى تمرٍ وسمن وأقط، فاتخذت حَيْسة في بُرمة فأرسلت بها معي إليه، فانطلقت بها إليه، فقال لي: "ضَعْهَا". ثم أمرني فقال: "ادْعُ لِي رِجَالاً -سَمَّاهُمْ- وَادْعُ لِي مَنْ لَقِيتَ".
قال: ففعلت الذي أمرني، فرجعت فإذا البيت غاص بأهله، فرأيت النبي وضع يديه على تلك الحيسة وتكلم بها ما شاء الله، ثم جعل يدعو عشرة عشرة يأكلون منه ويقول لهم: "اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَلِيهِ".
قال: حتى تصدعوا كلهم عنها، فخرج منهم من خرج وبقي نفر يتحدثون. قال: وجعلت أغتمُّ ثم خرج النبي نحو الحجرات، وخرجت في إثره فقلت: إنهم قد ذهبوا. فرجع فدخل البيت، وأرخى الستر وإني لفي الحجرة وهو يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: 53][1].
2- سبحان الله تطهري!!
عن عائشة أن امرأة سألت النبي عن غسلها من المحيض، فأمرها كيف تغتسل قال: "خُذِي فِرْصَةً[2] مِنْ مَسْكٍ، فَتَطَهَّرِي بِهَا". قالت: كيف أتطهر؟ قال: "تَطَهَّرِي بِهَا". قالت: كيف؟ قال: "سُبْحَانَ اللَّهِ! تَطَهَّرِي". فاجتبذتها إليَّ، فقلت: تتبعي بها أثر الدم[3].
قال ابن حجر في الفتح: قوله "سبحان الله" زاد في الرواية الآتية: "استحيا وأعرض"[4].
3- ويستحيي من عثمان:
عن عائشة قالت: كان رسول الله مضطجعًا في بيتي، كاشفًا عن فخذيه أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر، فأذن له وهو على تلك الحال فتحدث، ثم استأذن عمر، فأذن له وهو كذلك فتحدث، ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله وسوَّى ثيابه فدخل فتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسوّيت ثيابك. فقال: "أَلاَ أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلاَئِكَةُ"[5].
[1] البخاري: كتاب النكاح، باب الهدية للعروس (4868)، ومسلم: كتاب النكاح، باب زواج زينب بنت جحش (1428).
[2] أي: قطعة من صوف أو قطن، أو جلدة عليها صوف.
[3] البخاري: كتاب الحيض، باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض (308)، ومسلم: كتاب الحيض، باب استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فرصة من مسك في موضع الدم (332).
[4] ابن حجر: فتح الباري 1/416.
[5] مسلم: كتاب فضائل الصحابة y، باب فضائل عثمان بن عفان t (2401)، وأحمد (484).