نسمع أحياناً من بعض الناس من يُـردِّد :
شاوروهن وخالِفوهـن !!!
ولا شك أن هذا القول من الإجحـاف في حـق النسـاء .
ففي كثير من الأحيان إذا أصاب الرجل الهَـمّ لجـأ - بعد الله - إلى أُمِّـه طالباً منها المشورة والدّعـاء .
أو ربما لجـأ إلى حليلته يبثّها شكواه ، فتُخفف عنه مِـن همِّـه .
تأملـوا حـال رسول الله لما رجع من الغار بعد أن جاءه المَلَك
رجع ترجف بوادره حتى دخل على خديجة رضي الله عنها
فقال : زملوني زملوني ، فزمّلوه حتى ذهب عنه الروع ، ثم قال لخديجة : أي خديجة مالي ؟
وأخبرها الخبر . قال : لقد خشيت على نفسي .
قالت له خديجة : كلا . أبشر فوالله لا يخزيك الله أبداً ، والله إنك لتصل الرحم ،
وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ،
فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل ...
الحديث . رواه البخاري ومسلم
فمن الذي آزر رسول الله وهـدّأ من روعه وطمأنه
إلا خديجة رضي الله عنها ولذا كان رسول الله
يعرف لها حقّها وقدرها حتى بعد موتها .
أيستعيبون استشارة المرأة ، وقد أخذ رسول الله بمشورة امرأة
في قضية تَهُمّ المسلمين بل قد أهمّت رسول الله
في يوم مشهود من أيامه .
أما سمعتم - رعاكم الله - عن إحجامِ الصحابة عن حلقِ رؤوسهم يوم الحديبية ،
فلما قال رسولُ اللهِ لهم : قوموا فانحرُوا ثمّ احْلِقوا .
قال الرواي : فوَ اللهِ ما قامَ منهم رجُلٌ حتى قال ذَلكَ ثلاثَ مَرّاتٍ .
فلمّا لم يَقُمْ منهم أحدٌ دَخلَ على (( أُمّ سَلمةَ )) فذَكرَ لها ما لقيَ منَ الناسِ .
فقالت أُمّ سَلمةَ : يا نبيّ اللهِ أتُحِبّ ذَلك ؟ أخرُجْ ثمّ لا تُكلّمْ أحداً منهم كلمةً حتى تَنْحَرَ بُدْنَك
وتَدْعو حالِقَكَ فيَحْلِقَ لك .
فأخذ بمشورتها
فخرَجَ فلم يُكلّمْ أحداً منهم حتى فعل ذلك : نحرَ بُدْنَهُ ودَعـا حالِقَهُ فحلَقَ له ،
فلما رأَوا ذَلكَ قاموا فَنَحروا ، وجَعلَ بعضُهم يَحلِقُ بعضاً ، حتى كادَ بعضُهم يَقتُلُ بعضاً غَمّاً .
كما عند البخاري في الصحيح .
فمن الذي أشار على رسول الله بأمر فيه الرّشَد ؟؟
ومن الذي أزاح الهمّ عن نفس رسول الله ؟؟
وليست هذه حادثة فريدة فقد استشار رسول الله امرأة أخرى
في قضية تُعَـدُّ مِنْ أخطر القضايا ، فقد سأل زينب بنت جحش عن عائشة بعد حادثة الإفك ،
وما جرى فيها لرسول الله مِنْ الهَـمّ .
قالت عائشة : وكان رسول الله سأل زينب بنت جحش
زوج النبي عن أمري ، فقالت : مـا عَلِمْتِ ، أو ما رأيتِ ؟
فقالت : يا رسول الله أحْمِـي سمعي وبصري ، والله ما علمت إلا خيراً .
قالت عائشة : وهي التي كانت تُساميني من أزواج النبي
فَعَصَمها الله بالورع . متفق عليه . ( ومعنى تُساميني أي تُنافسني في المكانة ).
فأين هذا من أناس لا يرون للمرأة رأياً ، كما أنـهم لا يرون لها حقـاً ؟؟
لقد استشار رسول الله زوجاته ، وأخذ برأيهن .
ولم يَقُـل : شاوروهن وخالفوهن . كما يلهج به بعض الناس .
وهذا الحديث " شاوروهن وخالفوهن " لا أصل له عن النبي .
كما أن حديث : هلكت الرجال حين أطاعت النساء . حديث ضعيف .
وحديث : طاعة المرأة ندامة .
حديث موضوع مكذوب كما بيّن ذلك كلّه الشيخ الألباني – رحمه الله – .
قال ذو النون : أما إنه من الحمق :
التماس الإخوان بغير الوفاء ، وطلب الآخرة بالرياء ، ومودة النساء بالغلظة .
فاستوصوا بالنساء خيراً . كما أوصاكم بِهنّ مَنْ هو بالمؤمنين رؤوف رحيم .
قال المباركفوري : والمعنى أوصيكم بِهنّ خيراً ، فاقبلوا وصيتي فيهن .