لِمَ شُرِع الصيام؟
سُئل بعض السّلف: لِمَ شُرِع الصيام؟ قال: ليذوق الغني طعم الجوع فلا ينسى الجائع وهذا من بعض حكم الصوم وفوائده.
وكان كثير من السّلف يواسون من إفطارهم أو يؤثرون به ويطوون.
كان ابن عمر يصوم ولا يفطر إلاّ مع المساكين فإذا منعه أهله عنهم لم يتعش تلك الليلة، وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه للسّائل فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجفنة فيصبح صائمًا ولم يأكل شيئًا.
واشتهى بعض الصّالحين من السّلف طعامًا وكان صائمًا فوضع بين يديه عند فطوره فسمع سائلاً يقول: مَن يقرض الملي الوفي الغني؟ فقال عبده المعدم من الحسنات، فقام فأخذ الصحفة فخرج بها إليه وبات طاويًا.
وجاء سائل إلى الإمام أحمد فدفع إليه رغيفين كان يعدهما لفطره ثمّ طوى وأصبح صائمًا.
وكان الحسن يطعم إخوانه وهو صائم تطوّعاً ويجلس يراوحهم وهُم يأكلون، وكان ابن المبارك يطعم إخوانه في السّفر الألوان من الحلواء وغيرها وهو صائم.
سلام الله على تلك الأنفس الربانية رحمة الله على تلك اللآلئ الوضيئة لم يبق إلاّ أخبار وآثار.. كَمْ بين مَن يمنع الحق الواجب عليه وبين أهل الإيثار. فلعلي وإيّاك أن نترك خبرًا مع القوم فيردفنا الله في صفوفهم.