موضوع: مدح الرسول الأعظم صلّى الله عليه وسلّم الثلاثاء 27 يوليو 2010, 10:40
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور أنفسنـا ومن سيـئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريـك له. وأشهد أنّ سيّدنا وحبيبنا محمّدًا عبده ورسوله وصفيّه وخليله من بعثه الله رحمة للعالمين هاديًا ومبشّرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمّة فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيًا من أنبيائه، صلوات الله وسلامه عليه وعلى كل رسول أرسله .
أما بعد عباد الله فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العليِّ العظيم. يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌعَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } (سورة التوبة/128).
إخوة الإيمان والإسلام، لقد شرّف الله عزّ وجلّ نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم بآيات كثيرة من كتابه الكريم فأظهر بها عُلُوَّ شرف نسبه ومكارم أخلاقه وحسن حاله وعظيم قدره وأمرنا بتعظيمه فقال وهو أصدق القائلين: {فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (سورة الأعراف/157).
فقولـه عزّ وجلّ {وَعَزَّرُوهُ} معناه أثنوا عليه ومدحوه وعظمّوه، فاحترامه وتوقيره وإجلاله وتعظيمه صلى الله عليه وسلم فرض من مهمات الدين وعمل من أعمال المفلحين ونهج الأولياء والصالحين، وأما تنقيصه أو بغضه أو تحقيره فضلال مبين وكفر مُشين أعاذنا الله وإيّاكم من زيغ المفسدين.
الله عظّم قدر جاه محمّد **** وأناله فضلاً لديه عظيمًا
في محكم التنْزيل قال لخلقه **** صلّوا عليه وسلّموا تسليما
في محكم التنْزيل قال لخلقه
صلّوا عليه وسلّموا تسليما
واعلموا إخوة الإيمان أن من جملة الأمور الدالّة على تعظيم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الاحتفال بذكرى ولادته فإنّه من الطاعات العظيمة التي يثاب فاعلها لِما فيه من إظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف والذي يوافق قريب يوم السبت الأول من أيار 2004، وهو من البدع الحسنة بل هو جدير بأن يسمى سنة حسنة لأنه من جملة ما شمله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سنّ في الإسلام سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شىء". رواه مسلم.
فبطل زعم من قال: إن عمل المولد بدعة محرّمة إذ ليس له في ذلك حجة ولا برهان لأن اجتماع المسلمين على قرءاة القرءان وذكر الرحمن ومدح محمد سيد الأكوان مما شرعه الله والرسول وتلقّته الأمة بالقبول فلا يكون بدعة ضلال وهوان كما يدّعي المحرومون من الإيمان أهل ملّة الخسران.
وجاء في السنّة المطهّرة أيضًا جواز مدحه عليه الصلاة والسلام جماعة وفرادى رجالاً ونساءً بدفٍّ ومن غير دفّ في المسجد وخارجه، فقد ثبت في الحديث الصحيح أن أشخاصًا من الحبشة كانوا يرقصون في مسجد رسول الله ويمدحونه بلغتهم فقال رسول الله: "ماذا يقولون"؟ فقيـل لـه إنهم يقولون "محمد عبد صالح"، فلم ينكر عليهم صلى الله عليه وسلم ذلك.
وورد أن العباس بن عبد المطلب عمّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا رسول الله إني أمتدحتك بأبيات" فقال رسول الله: "قلها لا يفضُض الله فاك" دعا له بأن تبقى أسنانه سليمة فأنشد قصيدة أولها:
من قبلها طِبتَ في الظلال وفي **** مستودعٍ حين يُخصف الورق
وفي ءاخرها :
وأنت لَمّا وُلدتَ أشرقت الأرض **** وضاءت بنورك الأفق
فما منعه رسول الله ولا نهاه ولا قال له حرام أن تمدحني بل استحسن ذلك منه ودعا له بأن تبقى أسنانه سليمة فحفظها الله له ببركة دعاء النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم حيث توفي العباس في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنهما وهو ابن ثمان وثمانين سنة ولم يسقط له سِنّ ولا ضرس.
واسمعوا معي قصة رجل من علماء المسلمين في القرن السابع الهجري واسمه شرف الدين محمد البوصيري فقد أصيب هذا العالم بفالج أبطل نصفه شُلّ بسببه نصف بدنه فأقعده الفراش ففكّر بإنشاء قصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم يتوسل ويستشفع به إلى الله عزّ وجلّ فعمل قصيدة مطلعها:
محمد سيد الكونين والثقلين ***** والفريقين من عُرب ومن عجم
هو الحبيب الذي تُرجى شفاعته ***** لكل هول من الأهوال مقتَحَمِ
فاق النبيين في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ ***** ولم يدانوه في علمٍ وفي كرمِ
ثم نام فرأى في منامه سيدنا محمدًا عليه الصلاة والسلام فمسح عليه بيده المباركة فقام من نومه وقد شفاه الله مِمّا به وعافاه فخرج من بيته فلقيه بعض فقراء الصوفية فقال له: يا سيّدي أريد أن أسمع القصيدة التي مدحت بها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: وأي قصيدة تريد ؟ فإني مدحته بقصائد كثيرة، فقال: التي أولها: أمن تذكّر جيران بذي سلم ، والله لقد سمعتها البارحة في منامي وهي تنشَد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يسمع وقد أعجبته.
فانظروا عباد الله رحمكم الله كم في مدح النبي صلى الله عليه وسلم من الخيرات والقرب التي تنفرج ببركتها الكُرب. وقد صدق من قال:
مدح الرسول عبادةٌ وتقربُ **** لله فاسعوا للمدائح واطربوا