.:. السـ.:. ـلام عليكـ.:. ـم .:.
إنَّ الحمد لله نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ ونعـــــــــــــوذُ باللهِ من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
من يهدهِ اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما
فإنَّه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً ...
أهلا وسهلا بكل أعضاء و زوار منتدى القرآن الكريم
تحية عطرة عطرها مسك المحبة والاخاء....
يسرني أن أضع بين أيديكم هذه المادة العطرة والتي هي بعنوان
كيف يجب علينا أن نفسر القران الكريم
للشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
المكتبه الإسلامية
الطبعة الأولى 1421هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الناشر
إن الحمد لله، نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد؛ فهذه رسالة: "كيف يجبُ علينا أن نفسر القران الكريم؟" وأصلها أسئلة أُلقيت على الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى، فأجاب عنها مسجلةً، ثم فُرغت وطبعت في أوراق، وقدمت للشيخ رحمه الله تعالى، فقرأها وعلق عليها بخط يده.
وقد رأت المكتبة الإسلامية في عمان أن تنشرها اليوم لتعم بها الفائدة، ولينتشر علىُ الشيخ رحمه الله، وليؤجر عليها في قبره رحمه الله.
وهي على صغر حجمها عظيمة الفائدة كبيرة النفع للأمة الإسلامية بأسرها، إذ إنها توضح الأصول والقواعد التي يجب
ص -4- علينا أن ننهجها إذا أردنا أن نفسر القران الكريم بالطريقة الصحيحة التي يرضاها ربنا تبارك وتعالى، والتي شرعها على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم اتبعها من بعده خير هذه الأمة: صحابته، ثم التابعون لها بإحسان رضي الله عنهم أجمعين.
كما أن فيها على صغر حجمها الشيء الكثير من القواعد العامة التي تهم كل مسلم يريد أن يكون من الفرقة الناجية، والتي يجب عليه أن يتمسك ويعمل بها حتى تقوده إلى الطريق الصحيح، كقاعدة "كلما أُحييت سنة أُميتت سنة" وغيرها من تلك القواعد النورانية التي فتح الله بها على الشيخ رحمه الله وغفر له، فقد كان واسع العلم والمعرفة بشريعة الإسلام وبسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم وصدق ربنا إذ يقول: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادل 11]. رحم الله الشيخ، وجزى القائمين على نشر علمه من بعده خيراً، ونفع بهذا العلم كل مسلم أطلع عليه.
الناشر
عمان في 4 ذي الحجة 1420هـ
ص -5- سؤال 1: فضيلة الشيخ! قرأت في كتاب صغير حديثاً يقول: "خذ من القران ما شئت لما شئت" فهل هذا الحديث صحيح؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب: هذا الحديث: "خذ من القران ما شئت لما شئت"1؛ حديث مشتهر على بعض الألسنة ولكنه –مع الأسف الشديد - من تلك الأحاديث التي لا أصل لها في السنة ولذلك فلا يجوز روايته ونسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم ذا المعنى الواسع الشامل لا يصخ ولا يثبت مطلقاً في شريعة الإسلام: "خذ من القران ما شئت لما شئت" فمثلا إن أنا جلست في عقر داري، ولا أعمل في مهنتي وصنعتي، وأطلب الرزق من ربي أن ينزله علي من السماء لأني اخذ من القران لهذا! من يقول هذا؟!
هذا كلام باطل، ولعله من وضع أولئك الصوفية الكلمة ممنوعةالى الذين طُبعوا على الجلوس والسكن فيما يسمونها بالرباطات، ينزلون فيها وينتظرون رزق الله ممن يأتيهم به من الناس، عملاً أن هذا ليس من طبيعة المسلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد ربى المسلمين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 "الضعيفة" "557".
ص -6- جميعاً على علو الهمة، وعلى عزة النفس، فقال عليه الصلاة والسلام: "اليدُ العليا خير من اليد السفلى، فاليد العليا هي المنفقة، واليد السفلى هي السائلة"1.
ويُعجبني بهذه المناسبة مما كنت قرأته فيما يتعلق ببعض الزهاد من الصوفية – ولا أطيل في ذلك، فقصصهم كثيرة وعجيبة - :
زعموا أن أحدهم خرج سائحاً ضارباً في الأرض بغير زاد، فوصل الأمر إلى أنه كاد أن يموت جوعاً، فبدت له من بعيد قرية، فأتى إليها، وكان اليوم يوم الجمعة، وهو بزعمه خرج متوكلاً على الله، فلكيلا ينقض بزعمه توكله المزعوم، لم يظهر شخصه للجمهور الذي في المسجد، وإنما انطوى على نفسه تحت المنبر، لكيلا يشعر به أحد، لكنه كان يحدث نفسه لعل أحداً يُحس به، وهكذا خطب الخطيب خطبته، وهو لم يُصل مع الجماعة! فبعد أن انتهى الإمام من الخطبة والصلاة، وبدأ الناس يخرجون زرافات ووحداناً من أبواب المسجد، حتى شعر الرجل بأن المسجد كاد يخلو من الناس، وحينئذٍ تُقفل الأبواب، ويبقى وحيداً في المسجد من غير طعام ولا شراب، فلم يسعه إلا أن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 البخاري "1429" واللفظ له، مسلم "1033".
ص -7- يتنحنح ليثبت وجوده للحاضرين، فالتفت بعس الناس، فوجدوه قد تحول كأنه عظم من الجوع والعطش، فأخذوه وأغاثوه.
وسألوه: من أنت يا رجل؟!
قال: أنا زاهد متوكل على الله.
قالوا: كيف تقول: متوكل على الله، وأنت كدت أن تموت؟! ولو كنت متوكلاً على الله لما سألت، ولما نبهت الناس إلى وجودك بالنحنحة، حتى تموت بذنبك؟!
هذا مثال إلى ما يؤدي به مثلُ هذا الحديث "خذ من القران ما شئت لما شئت".
والخلاصة: أن هذا الحديث لا أصل له.
سؤال 2: فضيلة الشيخ! يقول القرآنيون: قال تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} الإسراء:12[وقال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} ]الأنعام: 38[ ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن هذا القران طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به، فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبداً"1. نرجو من فضيلتكم التعليق على ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صحيح الترغيب والترهيب" "1/93/35".