مُحالٌ أنساكِ مُحال

حتىَ لو غدوتِ سَراباً

أو صَارَ الوصلُ ضَرباً مِن خيال

إنى أحمِلُ مِنَ الإشتياق

ما تَنوءُ بحملهِ الجبال

فى كُلِ ليلة

أرحلُ إليكِ فى كُلِ ليلة

و لن أملَّ مِنَ الإرتحال

فى كُلِ ليلة

ما زلتُ أغزلُ الأحلام

و أرسمُ الآمنيات

و ما زلتُ أبنى

قصوراً فوقَ الرمال

يا طاغية الحُسن إننى

ناسكاً فى مِحراب الجمال

يا ممشوقةَ القَدِ إننى

لا أطيقُ صَبراً و لا احتمال

كيفَ أنسى

حُباً جَميلاً لا يُنسى

كيفَ أنسىَ وجهاً كالبدر

فى ليلةِ الإكتمال

كيف أنسىَ رقة الطبع فيكِ

و روعة الصفاتِ و الخِصال

قد حدثتُكِ عَن الهوىَ زمناً

و قلتُ فى الحُبِ ما لم يُقال

قد اعتصرتُ خاصرة العِشق

و جعلتُ لكِ الفؤادَ سَهلَ المَنال

بقايا أنفاسكِ تؤنسُ وحشتى

و حروفُ رسائلكِ تُسَلى وحدتى

خيالكِ النورانىُ زادى فى ليلتى

و روحكِ الطاهرة تضمنى

و أنا و الليلُ و القلمُ فى جِدال

أتوقُ للقاءِ عَينيكِ

و لا أبغى شيئاً غيرَ الوصال

ثمَّ عُدتُ مِن رحلتى حَزيناً

و فى قلبى بقايا مِن آمال

فوجدتُ الدنيا تُصَلِى مِن أجلى

والكون كلهُ فى ابتهال

السكونُ يكلمُنى و أنا صامت

فقد ماتَ الكلامُ و عَزَّ المقال

حَاضرةً كُنتِ أم غائبة

فإنى أهواكِ فى كلِ الأحوال

أعلمُ أنَّ العِشقَ مُهلِكى

و يالهُ مِن داءٍ عُضال

اللحظاتُ تمضى فى سَأَم

و أيامى كأنها أحمالاً ثِقال

و كأنَّ حياتى قصة ألم

كتبها الزمانُ بارتجال

الشَمسُ تغربُ فى كآبة

و النهارُ يَحبو خَلفها فى هُزال

و الطيورُ تَشدو بألحانِ الغروب

و اسمكِ فى كلِ أغنيةٍ و موال

المساءُ يَتلو صَلواتاً جنائزية

يَتردَدُ صَداها بالغُدُوِ و الآصال

ثمَّ نثرتُ لكِ الأشعارَ لآلىء

تَتَباهىَ بحُسنِها و تَختال

كم صيفاً مَضىَ و كم خريفاً أتى

و أنا أُقاسى فى غيابكِ الأهوال

ما زالَ فى دمى قطراتٌ مِن دَمكِ

ما زالَ فى نَبضى شَظايا مِن نَبضكِ

و صورتكِ تَرقدُ فوقَ حُطامى

يحتويها الرُكامُ و الأطلال

و بجانبِ الصورة ورقة مُهتَرِئة

كَتبتُ فيها بدمى :

(مُحالٌ أنساكِ مُحال)