موضوع: قصة أنا و سليمة الجمعة 05 فبراير 2010, 08:53
بسم الله الرحمان الرحيم
أنا وسليمة 10
أستفيق على صوت ( زئبق ) يفتش بين الأواني وعلبة الشاي والسكر وقد أخرجه الجوع، والناس قد ناموا. يذكرني صاحبي ( زئبق ) هكذا سميته، بذئب البحتري، و لست أدري وجه الشبه بين زئبقي وذئب البحتري.. لعله الجوع . كلانا جائعان، معدمان، فقيران، وحيدان..منفردان. أنا اعتدت عليه و هو اعتاد علي .( زئبق ) يسكن في غار منيع خلف عداد الكهرباء، والعداد لم يدر شهورا . في هذه الفترة كنت أنير البيت بدون أن أؤدي ثمن الكهرباء.وذات يوم جاء موظف، مستخلص الكهرباء، اقتحم علي البيت ، نظر إلى العداد نظرة جفاء : ـ منذ متى و العداد متوقف..؟ ـ لست أدري .. ـ أنت أوقفت العداد .. ؟ ـاسأل زئبق..أو عبد المومن.. ـ ومن زئبق ، ومن عبد المومن؟ ـ زئبق هو الذي يسكن وراء العداد..وعبد المومن هو الذي يطل دائما على العداد. ـ أنت تستهزئ بموظف في الحكومة..؟ ـ أنا لست بهازئ و لا بمستهزئ ولا بهزاء .. زئبق هو الساكن خلف العداد.. صفق وراءه الباب وانصرف. وكان هذا الموظف يخشى "زئبق" و أخوانه.رجع مرة أخرى و معه شاب آخر جديد ومتحمس للعمل .وأمره بلهجة جادة : ـ غير هذا العداد ؟ ـ حاضر.. وأخرج عدادا جديدا، ونزع العداد القديم الذي بان عليه الشحوب والكآبة على هذا الرحيل المفاجئ و من مغادرة هذا المكان ...و لايعلم إلا الله أي مكان وأي مصير سيلقاه من الإهمال والضياع بعدما كان في أمن وأمان. ومنذ ذاك الحين لم يتوقف العداد الجديد ، وكأنهم أتوا به من ميادين السباق العدو الريفي، يريد تحطيم الأرقام القياسية.
وبقي زئبق دائما هناك، يطل علي من حين لآخر. سكت لما سئلت عن من فعل هذا العمل التخريبي في ممتلكات الدولة لأداري على رفيقي زئبق.ومن باب الإنصاف أن أرد كل شيء لأصله وطبيعته ، ومن باب الاستنتاج شبه اليقيني أن هذا من عمل عبد المؤمن المخبول. والمتهم بريء حتى تثبت إدانته. عبد المومن هذا ابن الحاج صاحب "البيت ". أفقر بسبب النساء والخمر حتى أصبح مجنونا. ضخم وعريض الوجه عندما يضحك تظهر أسنانه المتباعدة ويظهر لسانه الأصفر. كان في ما مضى رجلا ذا مال و بنون ، ولعبت به الدنيا وأجلسته على حصير بارد. كان من أكبر الميكانيكيين والأول في صناعة الرادياتور في الجهة الشرقية. يلعب بالمال و يبعثره يمينا و شمالا ، ويبذره كأحد إخوان الشياطين . يسهر في بارات مليلية كل سبت ، ويعود مع أشعة الفجر الأولى خاوي الوفاض إلا من ذنوب و معاصي غفر الله له .نقص عقله، فطلق زوجته، وانتهى إلى بيع ممتلكاته و التشرد حافيا كاسيا عاريا . كان يغطي رأسه بقب وقد مزق سرواله على مقاس دائرة مؤخرته ، ويمشي في الشارع ابتداءا من البيت. ومن الويسكي و أصنافه نزل إلى الكحول المختلط بالماء. وعندما يأتي في الثالثة صباحا مخمورا يدق الباب بعنف شديد، ويركله، والحاج كان شيخا عجوزا ثقيل السمع ، يكاد لا يسمع شيئا. ولكن زوجته الثانية التي تزوجها من بعد وفاة الأولى كانت توقظه، كأنها توقظ ميتا. وكان للحاج أباء آخرون يعدون من أثرياء المدينة، وكبيرهم كان يلقب بالحاج الدولار كان من كبار الصيارفة في جميع أنوع العملات .. وغالبا ما كانوا يزورونه ، وحين يزورونه نعلم أن العشاء مضمون. اللحم و الكسكس وكثير من الخضر . وكانت الزوجة الثانية تطعمنا مما يطعمون، وتسقينا مما يسقون لا ميز و لافرق. وأترك ل"زئبق" طعامه فوق الطاولة ، وسيأكله بعد ما أنام بقليل ، لأنه كان يوقرني وكنت أحترمه.و كانت المرأة أ صيلة و كريمة، عاملتنا كإخوتها .. كطلبة . والطالب كان يحظى باحترام الناس، يكرمونه لأنه من حفظة القرآن الكريم. كان الحاج يعاملني كابنه، يوصيني . وكان عبد المومن يخيفني.الشيخ يوصيني بأن لا أفتح له الباب لأن بابي يفضي إلى بيت الحاج عبر باب صغير غير مقفل. وكان بيتي في الأصل حانوتا يدخل منه الحاج ويخرج.كان في البداية يدق باب الحاج بقبضته الكبيرة و برجله ، ثم كان يأتي بحجر ويضرب البابين معا، و يضحك ضحكات تصل منها رائحة الكحول كريهة . ينادي : آ الحاج حل آ الحاج أنا عبد المومن ..يضحك عاليا. يقول في الليل الحالك الساكن: ـ أتذكر أبا الحاج حين كنت تعطيني أربعة ريالات ..يضحك . في البداية كان الخوف يسكنني.ولكن اعتدت عليه فأصبح مألوفا لدي. كنت أنتظره ما بين الثانية أو الثالثة صباحا. وأنام كأن صوته أصوات أنغام موسيقى. وأتذكر أحد رفاقي الماكرين حين دقوا في الباب الخشبي مسامير في مختلف المناطق التي يضرب فيها عبد المومن بقبضته . صرخ صرخة مدوية وأخذ يبكي ويصيح.. أبا الحاج انظر أولاد الحرام ما فعلوا بي.. المسامير في الباب المسامير.. ولكن الحاج لم يسمعه و لم يفهمه. ورغم كل هذا كان عبد المومن ودودا لم يعتد على أحد منا ، وإنما كان يريد منا أن نفتح له الباب لكي يمر ليدخل وينام . حاولت في بداية عهدي بالسكن، في هذا البيت، اغتيال " زئبق" قبل أن نصبح رفيقين، وفشلت. أعدت الكرة. جربت جميع الوسائل ، لكنها ذهبت سدى، ومن ثم قررت أن أتركه يعيش معي، بدون دفع الإيجار. أساكنه و يساكنني. والعجيب أنه لم يتلف ورقة من أوراقي أو كتبي، ولكنه أرسل رسالة منذ البداية يخبرني عن نفسه تقول : أنا لست من ذلك النوع، أنا مسالم ، أحب العيش في سلام مع كل العالم. أحب الجوار وحوار الحضارات، ولا أحب الغدر والخيانة وأحب الأمانة ، وستجربني وتعرفني .. فهمت الرسالة ،و عقدنا ميثاقا شرفيا بعدم الاعتداء بكل أنواعه. هو لا يعتدي على فراشي وكتبي وأوراقي ، وأنا لا أعتدي على حريته الشخصية.عندما أغيب كنت أطلق له الحرية في التصرف . ولكن عندما أحضر يدخل جحره ويخرج مع منتصف الليل ليبحث عن رزق ذلك اليوم. الله هو الرزاق ولست أنا فلماذا لا أتركه يأكل من خشاش الأرض.يعيش ويتزوج و ينجب ويفرح مع صغاره، لماذا أحرمه من سعادته . حدثت نفسي في هذا الليل البهيم . وهكذا عشنا أنا و "زئبق" سنوات طويلة ، حتى غادرت البيت باكيا حزينا على زئبق وأشياء أخرى . وقفت ، جبت البيت بعينيين مجروحتين وعلى المرأة الفاضلة التي أدين لها بكل شيء ، بتعليمي وبدراستي وبمجرى حياتي ، ولولاها لكانت حياتي شيئا آخر .
من فضلك ألصق هذا الكود في المكان الذي تريد أن تضع فيه مركز التحميل
عدد مشاهدات هذا الموضوع هو
مرة
عدد مشاهدات جميع مواضيع الموقع
مرة
عدد مشاهدات جميع صفحات الموقع
مرة
nisrine15 عضو فضي
عدد المساهمات : 1220
موضوع: رد: قصة أنا و سليمة الخميس 25 فبراير 2010, 03:16
السلام عليكم
مواضيع مميزة بارك الله فيك
ننتظر المزيد من أعمالك
و شكرا مرة أخرى
من فضلك ألصق هذا الكود في المكان الذي تريد أن تضع فيه مركز التحميل
عدد مشاهدات هذا الموضوع هو
مرة
عدد مشاهدات جميع مواضيع الموقع
مرة
عدد مشاهدات جميع صفحات الموقع
مرة
said برونزي بأربع نجوم
عدد المساهمات : 1036
موضوع: رد: قصة أنا و سليمة الأحد 28 فبراير 2010, 13:34
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم
مواضيع مميزة و رائعة
أحسنت
و السلام عليكم
من فضلك ألصق هذا الكود في المكان الذي تريد أن تضع فيه مركز التحميل
عدد مشاهدات هذا الموضوع هو
مرة
عدد مشاهدات جميع مواضيع الموقع
مرة
عدد مشاهدات جميع صفحات الموقع
مرة
أمين7 عضو برونزي بنجمتين
عدد المساهمات : 982
موضوع: رد: قصة أنا و سليمة الأحد 28 مارس 2010, 06:54
بارك الله فيكم
من فضلك ألصق هذا الكود في المكان الذي تريد أن تضع فيه مركز التحميل
عدد مشاهدات هذا الموضوع هو
مرة
عدد مشاهدات جميع مواضيع الموقع
مرة
عدد مشاهدات جميع صفحات الموقع
مرة
inista عضو فضي
عدد المساهمات : 1180 startimes2.com
موضوع: رد: قصة أنا و سليمة الأربعاء 21 أبريل 2010, 04:17
بارك الله فيكم مواضيع قيمة
و مفيذه
ننتظر المزيد
و شكرا مرة أخرا للمجهودات
من فضلك ألصق هذا الكود في المكان الذي تريد أن تضع فيه مركز التحميل
عدد مشاهدات هذا الموضوع هو
مرة
عدد مشاهدات جميع مواضيع الموقع
مرة
عدد مشاهدات جميع صفحات الموقع
مرة
hassan8 أساسي بخمس نجمات
عدد المساهمات : 827
موضوع: رد: قصة أنا و سليمة الأحد 25 أبريل 2010, 22:22
اقتباس :
أحسن الله إليك على المساهمة المفيدة
واصل سلمت يداك
ننتظر المزيد و شكرا
و السلام عليكم و رحمة الله
من أخوكم حسن
من فضلك ألصق هذا الكود في المكان الذي تريد أن تضع فيه مركز التحميل