أثار البطالة على الفرد والمجتمع :
تظهر آثار البطالة في عدة جوانب :
أولاً : الجانب الأمني
يتركز هذا الجانب في بحث العلاقة بين البطالة والجريمة ، إذ استقطب هذا الجانب اهتمام كثير من الباحثين في مجال علم الجريمة وعلم الاجتماع .
ولقد عثرت على دراسة نشرتها الرئاسة العليا لمدينة الرياض في موقعهم بشبكة الإنترنت تحدد علاقة البطالة بالجريمة ، حيث أشارت هذه الدراسة إلى وجود درجة مقبولة من الارتباط بين هذين المتغيرين فكلما زادتا نسبة البطالة ارتفعت نسبة الجريمة ..
ومن أهم ما ورد في تلك الدراسة :-
1- تعد جريمة السرقة من أبرز الجرائم المرتبطة بالبطالة ، حيث تبلغ نسبة العاطلين المحكومين بسبب السرقة (27.1% ) من باقي السجناء المحكومين لنفس السبب ، وهذه النسبة بازدياد كل سنة .
2- وأكدت هذه الدراسة أيضاً أنه كلما ازدادت نسبة البطالة ازدادت الجرائم التي تندرج تحت الاعتداء على النفس ( القتل ، الاغتصاب ، السطو ، والإيذاء الجسدي ) حيث أوردت في هذه المقام نتائج دراسة أمريكية سابقة تؤكد أن ارتفاع نسبة البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية بمعدل (1%) يؤدي إلى الزيادة في جرائم القتل بنسبة (6.7% ) ، وجرائم العنف بنسبة (3.4%) ، وجرائم الاعتداء على الممتلكات بنسبة (2.4%) ولا يمكن القول أو الحكم هنا بأن البطالة هي السبب المباشر للجريمة وإلا صار كل عاطل وكل فقير مجرماً ، وهذا أمر مرفوض ولا يحتاج إلى أي تدليل عليه ، وإنما نقول وكما تشير الدراسات إلى أن البطالة تحتوي على بذور الجريمة إذا صاحبتها عوامل معينة بظروف معينة .
ثانياً : الجانب الاقتصادي
الإنسان هو المورد الاقتصادي الأول ، وبالتالي فإن أي تقدم اقتصادي يعتمد أول ما يعتمد على الإنسان بإعداده علمياً حتى يتحقق دوره في الإسهام في نهضة المجتمع .
وتضعف البطالة من قيمة الفرد كمورد اقتصادي ، ويتحول كم من المتعطلين إلى طاقات مهدرة وبالتالي يخسر الاقتصاد هذه الطاقات ، كما أنهم يعدون عبئاً إضافياً على الاقتصاد القومي يسبب خسارة تتمثل في توفير الأجور لهؤلاء مع عدم وجود عمل فعلي يستحقون عليه هذا الأجر . (1)
ثالثاً : الجانب السياسي
نستطيع القول أنه في عالم اليوم لم تعد الحقوق والحريات العامة التقليدية كافية للحكم على ديمقراطية النظام السياسي بل ينضم إلى ذلك معايير اقتصادية واجتماعية كثيرة في هذا المجال ، ووجود البطالة وآثارها من شأنه أن يخل بهذه المعايير . (2)
وكم أحرجت هذه المشكلة كثير من حكومات الدول وسياساتها ، ولا يخفى علينا ككويتيين مشكلة ( البدون ) التي تعاني منها دولة الكويت .
وليست هنا بصدد مناقشة هذه القضية أو طرح أسبابها وإنما أستطيع أن أقول أن مشكلة البطالة وآثارها ليست منها ببعيد ، فهي ككرة الثلج بدأت تتدحرج صغيرة حتى أصبحت قنبلة موقوتة بآثار لا تحمد عقباها إن لم تستدرك وتحل .
رابعاً : جانب الصحة النفسية
تؤدي حالة البطالة عند الفرد إلى التعرض لكثير من مظاهر عدم التوافق النفسي والاجتماعي ، إضافة إلى أن كثيراً من العاطلين عن العمل يتصفون بحالات من الاضطرابات النفسية والشخصية فمثلاً ، يتسم كثير من العاطلين بعدم السعادة وعدم الرضا والشعور بالعجز وعدم الكفاءة مما يؤدي إلى اعتلال في الصحة النفسية كما ثبت أن العاطلين عن العمل تركوا مقاعد الدراسة بهدف الحصول على عمل ثم لم يتمكنوا من ذلك يغلب عليهم الاتصاف بحالة من البؤس والعجز .
ويعد من أهم مظاهر الاعتلال النفسي التي قد يصاب بها العاطلون عن العمل :-
1- الاكتئاب : تظهر حالة الاكتئاب بنسبة أكبر لدى العاطلين عن العمل مقارنة لولئك ممن يلتزمون أداء أعمال ثابتة ، وتتفاقم حالة الاكتئاب باستمرار وجود حالة البطالة عند الفرد ، مما يؤدي إلى الانعزالية والانسحاب نحو الذات ، وتؤدي حالة الانعزال هذه إلى قيام الفرد العاطل بالبحث عن وسائل بديلة تعينه على الخروج من معايشة واقعه المؤلم وكثيراً ما تتمثل هذه الوسائل في تعاطي المخدرات أو الانتحار .
2- تدني إعتبار الذات : يؤصد العمل لدى الإنسان روابط الانتماء الاجتماعي مما يبعث نوعاً من الإحساس والشعور بالمسؤولية ، ويرتبط هذا الإحساس بسعي الفرد نحو تحقيق ذاته من خلال العمل ، وعلى عكس ذلك فإن البطالة تؤدي بالفرد إلى حالة من العجز والضجر وعدم الرضا مما ينتج عنه حالة من الشعور بتدني الذات وعدم احترامها . (1)
خامساً : جانب الصحة الجسمية والبدنية
إن الحالة النفسية والعزلة التي يعانيها كثير من العاطلين عن العمل تكون سبباً للإصابة بكثير من الأمراض وحالة الإعياء البدني كارتفاع ضغط الدم ، وارتفاع الكولسترول والذي من الممكن يؤدي إلى أمراض القلب أو الإصابة بالذبحة الصدرية إضافة إلى معاناة سوء التغذية أو الاكتساب عادات تغذية سيئة وغير صحية