|
القُدْسُ في خَطرٍ؟! وَيْحي ! ويُفزِعُـني | طولُ الشكـاةِ وطـولُ العَتْبِ والصّخَبُ |
فالناسُ بيْنَ مغاني اللّهـو تَصْرَعـهمْ | أهواؤُهـم وأماني العـجْـزِ و الرّغَبُ |
أنّى تــلفّـتَّ أنـغـامٌ مُـخَـدٍّرَةً | ونـشـوَةٌ وليـالٍ هَـزّهـا الطّــرَبُ |
والقومُ في غفْوَةٍ ! في التيه ! في ظُلَم | يَلقُّهمْ مِـنْ ديـاجيرِ الهـوى حُجُبُ |
عواصِـفٌ مِـنْ شتـاتِ الأمـرِ نازلةٌ | فيهمْ وثـائـرةُ الإعصـار تقـتربُ |
تمزَّقـوا فِـرَقـاً شـتّى يَـدور بِـهمْ | مرُّ الصّـِراع وهوْلُ الشـرِّ والحَـرَبُ |
أَلقـَى العَـدُوُّ فُتَاتـاً فَانْبَـرَوْا فِـرقاً | تَنَـافَسـُوهَا فأَلهَـاهُـمْ هَـوىً كَذِبُ |
مـَاليْ أَلـومُ عَـدوّي كُـلّما نَزَلـتْ | بِيَ الهَزَائِمُ أو حَـلّـتْ بِنـا الـنُّـوَبُ |
نحنُ الملومـون ! عَـهـْدُ اللهِ نَحْملهُ | وقد تَـخَلَّـفَ منا العَـزْمُ و السـببُ |
* * * |
القُـدْسُ في خَطَرٍ؟! الآن ؟! واعجبـاً | أيْنَ السّنُونَ التي مَـرّت بها الكُرَبُ ؟! |
أَين المواعـظُ دوّت في مسـامِعنـا؟ | أين النَّـذيـر و أين الآيُ و الكُتُـبُ؟! |
أَيْـنَ الـقَـوارع هـزّتْ كُلَّ ذي صَممٍ | ولمْ يُهَزَّ لنـا عـزْمٌ ولا قُضُـبُ ؟! |
وخُطّـةُ القـوِم تَـمضي بَيْنَنَا زَمناً | تَطولُ فيـهِ دَواعي الـمكْرِ و الرّيَبُ |
ونَحـنُ نمـضي على أحْـلامِنا وَهَنـاً | تُنـازُلاً في دُروبِ التّيـهِ نَـضْطَـربُ |
مسلسـلٌ ! كـمْ نزلْنـا فيـه مُنْحَدَراً | يَهْـوي بنا! هان فيه العزْم والطّلَبُ |
دوَّتْ شِـعـَاراتُنـا ! بُحَّتْ حَناجِرُنا! | جُـنّتْ عـواطِفُـنَا! تَـعْلو وتلْتَهـبُ |
ضجّـتْ شِكايتُـنَا في كُـلِّ مُعْتَـرَكٍ | مَعَ الهَـزيمـة تُطْـوَى ثمَّ تَحْتَجـِبُ |
لهَـيْـئةٍ مُـزِّقـتْ في ساحِها أمُـمٌ | يا سوءَ ما فَعلوا في الأرض و ارتكبوا |
لـقـد ركـنّـا لكيْـدِ الظالمـينَ ولمْ | نَزَلْ عـلى كَيْـدهم نشْـقَى و نَنْقَلـبُ |
لم نشْكُ لله ! لم نـلجـأ ْلرحمتـِه | فما استقـام على نهـجِ الهـُدى أرَبُ |
أعطاكُـمُ اللهُ مـا يُـرْجـى بـهِ أمَلٌ | وَمَا يُـعَزُّ بـه الإحـسانُ و الـدأبُ |
هذي الملايينُ فَـوْقَ الأرض قد نُثِروا | وَوَفْرةٌ من كنوزِ الأرض والـذهـبُ |
وموقـعٌ وَسَـطٌ في الأرضِ متّـصـلٌ | يَـضمُّ ذلك حَـبْـلُ الدِّينِ والسـببُ |
فبـدَّلـوا بـعـطـاء الله مـا قَـذَفَتْ | بـه أيـادي عـدّوٍ جـودُه عَـطَـبُ |
وبَدّلوا العهـدَ ! ويحـي ! لم يعدْ لهمُ | إلا الشِعـارات دوّتْ عنـدهـا العُصَبُ |
فأصبحـوا شِـيَـعـاً شتَّـى ممزَّقة | وساحُـها في يد الأعـداء تُـنْـتَهَبُ |
* * * |
القـدسُ في خَطَرٍ ؟! مـا زال يُذهِلُني | حقّـاً ويُـفـزِعُـني من أمرِنا عَجَبُ |
القـدسُ يا أُمّـتي ليْسَـتْ بِمنْعَزَلٍ | عن الديار، ولا الخطْـبُ الذي خَطبُوا |
القُـدْسُ يا أمّتي مـوصـولـةٌ بِعُرا | وبـالحبالِ التي يزكو بها النَّـسَبُ |
بالبيتِ , بالكعبة الغـرّاء ! عُـروَتُها | شُدَّت بِهـا ، بِغَـنيِّ النّور تـأتَشِبُ |
وبالمـدينة حَـبْلٌ غـير منفَـصـمٍ | عَـهْـداً مع الله حّقـاً ليـس ينقَضِبُ |
عَهْـداً إلى أُمَّـةِ الإسـلام ما صدقت | أمـانـةَ العهـدِ والحقِّ الـذي يَجـِبُ |
* * * |
من مكـة وظـلالِ الكعبـةِ انطلقتْ | ركائـبُ الحقِّ يحـدوها الهوىالعَذِبُ |
مَسْرى الرسولِ ! وجِبريلُ الأمينُ به | ودفقـةُ النّـور في الآفـاقِ تنسِكبُ |
يَطْـوي البُراقُ على أشـواقـه أملاً | إليك يا قُـدْسُ يهـفو قلبُه الوَجِبُ |
تطوي الـزّمانَ وتطوي البيَد وْثبَتُه | تـراجَعـَتْ دونـه الساحات ُوالحقَبُ |
المصطفى ! وجلال الـوحي يَحْرُسُه | والكونُ مـن حـوله يـرنـو و يرتَقِبُ |
أرخى الـبراقُ جَنـاحيه بـساحته | فانـشَـقَّ فـجْـرٌ مـع الأيام مُرْتَقَبُ |
هذا النـبيُّ ! وهبَّ الأنبـيـاء لـه | من عالم الغـيب ! تُغضي عنده الهُدُبُ |
هنا التقـي عالَم الغيبِ الذي طلَعتْ | رؤاه والمشهَدُ الحقُّ الـذي صَـحِبـوا |
فأمَّهـم ! وجنـودُ الحـقّ شـاهِـدةٌ | بـأن تـلك الـرّبى للحـقّ تنتسبُ |
أمانـةً في رِقـاب المـسلمين لـهمْ | يوم الحساب أمـور غـير ما احتسبوا |
مَضى البُراقُ يَشـقُّ الأُفْـق منـطلقاً | بومضـة للسمـوات العُـلا يَثـبُ |
ومن رُبى طيبَةٍ فـوحُ العصور سَرى | مسكـاً غـنيّاً ونـشراً ليس يُجْتلَبُ |
* * * |
يا قُـدسُ ! يالَهْفـَةَ الأكْبَـاد صادقةً | ولهفَةً عمَّـها الإعصـارُ والغَـضَـبُ |
يـا طلعـةَ الشـوق والأقْصى يُرَجّعُها | مع العـصـورِ وحـدٌّ صـارِم ذرِبُ |
القدْسُ يا أُمّـَتي فوحُ العصـور بها | صَبّتْ مجـامِـرها الساحاتُ والحِقَبُ |
القدس يـا قـومُ تـاريخ تجـودُ بـه | أرضُ الرسالاتِ! ما أزكى الذي تَهَبُ ! |
أرض الرسالات كم مـدّت ملاحمها | دماً عـلى سـاحِـها بالمسكِ ينسكبُ |
القدسُ زَهْـرةُ تـاريـخ مُـعَـطَّرةٌ | جُـذورهـا في بطـون الأرض تحتجبُ |
فـإن تقَطّعـت الأحبـال وانفصَمـتْ | تـلك العـرا جَفّـت العيدان والقَصَبُ |
وإن تُـرى قُطّعَـتْ تـلك الجُذُورُ فهلْ | تـظـلَّ تَعبـقُ في ساحاتهـا الكُثُـبُ |
تقـول : كـلاّ ! فقد خبّأت كلَّ شذى | عنـدي لكـل شهيد كنـتُ أرتَـقـِبُ |
خبّأت كـلَّ عطـوري في مجامِـرها | نـديَّـةً لـزحـوفٍ ليـسَ تنْـقَلـبُ |
* * * |
يـا قومُ ! كـلُّ رَوابينـا عَلى خَـطَرٍ | وقـد تَـكسَّرَتِ الأسيـاف والقُضُـبُ |
وسـدَّ كـلَّ سبيـل للجهـاد بهــا | أين السبيـل؟! واين الفتيـة النُجُـبُ |
المجرمـون طغاةُ الأرض قـد زحفوا | زحفاً يمـوجُ به جَيـْشٌ لهـمْ لَجِـبُ |
* * * |
القـدسُ في خطر ؟! ويحـي ! أَيرفَعُه | عنّا القصيد ويشفـي صـدرنا الخُطَبُ |
كـم مهرجـان وكـم من ندوةٍ طَلَعَتْ | يـدورُ فيـهـا بيانُ الشـعـر والأدبُ |
مـا أجمـل الأدب الفـوّاح تتـطلقه | حُمْـرُ النِّصـالِ وفي الميدانِ يَخْتضِبُ |
ولليهـودِ ميـاديـن القـنا فُتِـحـتْ | كـلٌّ بـأُهبَـتـِه في سـاحها يَثِبُ |
شادُوا مـن الـعـلم مـا هَابَتْهُم أُمَمَ | بـِه ومـا عـزّ فيه القاطع الـذربُ |
عزائم ٌ لم تـزلْ تبـني مصانـِعَها | من السـلاحِ الـذي يُـرْجى به الغَلَبُ |
فهذه الصـين تـَسعى في مـودَّتِـهمْ | مهابـةً، وسـواهـا مُقْبِـل حَدِبُ |
قومـوا إلى ساحها ياقوم وانتصروا | لله في جولـة يُـجـلَى الـدمُ السَّرِبُ |